أنت قائد حياتك../ محمد السيد عبد الرازق |
![]() |
موقع على بصيرة كان دينيس وولترز واحدًا من لاعبي الجولف الواعدين إلى أن وقعت الكارثة ففي عام 1974م، تعرض لحادث غريب كان سببه عربة الجولف، مما أدى إلى إصابة ساقيه بالشلل. ولكن دينيس لم يكتفِ بمجرد مشاهدة الجولف، إذ كان هدفه أن يصبح مدربًا ويا له من هدف صعب بالنسبة لشخص ساقاه مشلولتان، ولكن دينيس تعلم كيف يضرب كرة الجولف من وضع الجلوس، وصمم كرسيًا دوارًا لعربة الجولف وتعلم كيف ينزل من سيارة الجولف بمساعدة العكازين، ثم تعلم كيف يضرب الكرة بيد واحدة. وقد أصبح دينس وهو في الثلاثين من عمره من اللاعبين أصحاب الأرقام القياسية في الجولف، فهو يستطيع أن يضرب الكرة لمسافة 250 ياردة من وضع الجلوس، وهو ليس مدربًا للجولف بفلوريدا فحسب، ولكنه أيضًا واحد من أربعة لاعبين فقط في الولايات المتحدة يمكنهم كسب قوتهم من المباريات الاستعراضية في الجولف. لقد اختار دينس طريقه بنفسه، ورسم سيناريو حياته الخاص، لم يلم الظروف ولم يبكِ على ما فات، فهو مسئول عن حياته، عن تصرفاته وقراراته بشجاعة وثبات، أدرك أنه كائن متفرد بإمكانياته فراح يوظفها في سبيل نجاحه وتميزه. دعك من هذا الدور: ينجح الإنسان إن تولى قيادة حياته، فلماذا يتخلف عن حمل مسئولياته؟ حينها يسلم نفسه طواعية إلى الظروف المحيطة، ويعيش دور الضحية فيكثر من اللوم والنقد، دون أن يدري بالوقت الذي يمر والعمر الذي يمضي ولا يشعر بقوافل من الناجحين تسبقه في ركب النهوض وهو يندب حظه العثر. إن اللوم هو السم الداخلي الذي يسري في عروق الفاشلين ويخزن في العقل الباطن لديهم، يريدون تبرئة أنفسهم باتهام الآخرين، فإذا طرد العامل أو الموظف من شركة ما فالسبب الوحيد هو سوء الإدارة، وإن رسب الطالب فالمدرس فقط هو المتهم، وإن أدمن إنسان فسيتهم رفقة السوء وحدهم، وإن تخلفت الأمة فالسبب ـ بلا شك ـ هو أعداؤها. كلما أكثر الإنسان من لوم الظروف، فإنه ينتقل إلى مرحلة النقد غير البناء، فربما تسأل طالبًا راسبًا: لماذا لم تنجح هذا العام؟ فيبرره فشله قائلًا: هناك فقر في المناهج التعليمية فهي لا تتناسب مع مستواي، وضعف في مستوى الأساتذة والمعلمين فهم لا يجيدون إيصال المعلومة، وإهمال شديد من الإدارة فهي لا توفر لنا سبل الراحة! قد يكون الطالب محقًا في بعض أسبابه، ولكن هل رسب جميع الطلاب في مدرسته أو كليته؟ بالطبع لا، ولكنه هو الذي اختار طريق اللوم والنقد، اختار أن يتخلى عن مسئولية حياته، ويعلق فشله على شماعة الظروف والأحداث، فليتحمل مسئولية اختياره الخاطئ فكما يقول زيج زيجلار: (من يختر بداية الطريق يختر عاقبته) [خطوات نحو القمة، زيج زيجلار، ص(62)]، فمع مرور الوقت يبرمج عقله الباطن على حقيقة جديدة مفادها: (أنا برئ ومن حولي هم المخطئون، أنا الضحية والظروف هي القاتل). إنها ليست إدارة: ولا نعني بتحمل مسئولية الحياة أن يدير الإنسان حياته أو أن يضع أهداف لها وحسب، بل هناك فرق كبير بين إدارة الحياة وقيادتها. فالإدارة تعني: كيف تحقق ما تصبو إليه من أهداف؟ أما القيادة: فهي أن تحدد أولًا ما هي الأهداف التي تصبو لتحقيقها؟ الإدارة: هي أن تصعد السلم بسرعة وكفاءة. أما القيادة: فهي أن تختار أولًا السلم الذي تريد صعوده. وبعبارة مختصرة: الإدارة هي الأداء الصحيح للأشياء، والقيادة هي أداء الأشياء الصحيحة. فينبغي لك أخي الشاب أن تبدأ من الآن في كتابة "سيناريو" حياتك، بحيث تمسك بزمام قيادتها ولا تكتفي فحسب بإدارتها كما يفعل معظم الناس، وعندها ستختار أي الرجلين تحب أن تكون: (قصة حياة قائد لحياتهXقصة حياة مدير لحياته الرغبة في التفوقXالرغبة في أن تمر الحياة بسلام. ناجحXعادي. كانت درجاته الدراسية مرتفعةXكانت درجاته الدراسية مقبولة. قضى أربعين سنة في خدمة الأمة، شغل عددًا من المراكز الريادية، اغتنم الفرص، وطور نفسه ومواهبه، وشارك الناس في الأشياء الناجحةXقضى أربعين سنة في خدمة الظروف، شغل عددًا من المراكز المتواضعة،لم يخض أبدًا مخاطرة، أو يغتنم أي فرصة، ولم يطور مواهبه، ولم يشترك مع أحد في شيء نافع. شعاره المفضل "أينقص الدين وأنا حي"Xشعاره المفضل "لا دخل لي في هذا". عاش 70 سنة مليئة بالنجاح والكفاح بعزم وإصرار، فعاش ناجحًا ومات وبكت عليه الأمة؛ فولد سنة 1980م، ومات سنة 2050م، وبقي ذكره في قلوب الناس كما بقي مسكه وعبيرهXعاش 70 سنة دون هدف أو خطة أو عزم أو تصميم، فعاش عاديًا، ومات موتة عادية، ولم يشعر به أحد؛ فولد سنة 1980م، ومات حيًا سنة 2000م، ودفن 2050م) [صناعة النجاح، د. طارق السويدان، ص (97) بتصرف]. لذلك أخي الشاب عليك أن تتحمل مسئولية حياتك، مسئولية قراراتك، بكل شجاعة وثبات، وأن تمسك بدفة مستقبلك، فتصنعه بنفسك لا أن تستسلم لأمواج الأحداث، تدفع بك إلى شطئان لم تخطط للذهاب إليها، أو ربما تقذف بسفينة حياتك إلى دوامة الظروف والأحداث. لقد آن الأوان: لقد حان الوقت إذًا أن تقف مع نفسك وقفة وتسألها: لماذا لا أكون في ركب هؤلاء الذين أحالوا الفشل نجاحًا؟! وحتى متى أعيش في دوامة من اليأس والإحباط والعجز والفشل؟! قل لها: يا نفس، أما رأيت هؤلاء الرجال بل والنساء، بل والأطفال، حين تحدوا عجزهم، وانتصروا على ظروفهم، فذاقوا حلاوة النجاح بعدما تجرعوا مرارًا مرارة الفشل؟! إلى متى أهرب من نفسي؟! أبحث فلا أرى إنجازًا، بل أختفي من أي تجمعات عائلية لأهرب من الناس؛ حتى لا أواجههم بفشلي، بل أهرب حتى من لحظة دخولي إلى سريري حيث أخلو بنفـسي، فأقف على حقيقتها، وحقيقة ما وصلت إليه من فشل وضياع، وعيش على هامش الحياة، أكاد أهرب منها وهي تسألني: لماذا أنت هنا؟ لماذا لم تتقدم كما تقدم الناجحون؟ وحتى هي قد كفت عن تصديقي منذ أمد بعيد، فلم يعد ينفع معها أن ألقي اللوم على تربية الماضي وظلم الحاضر وظلام المستقبل، لسان حالي يقول: إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه ثم قـالوا لحــفاة يوم ريح اجمعوه لقد مات هذا الشاعر، وبقي شعره ليتندر به أصحاب تحدي ظروف الانكسار، ويضربونه مثلًا لمن أسقط قدره، وقلل من شأن نفسه، ومضى يصـرخ في العالمين: لا ذنب لي، أنا ضحية الظروف والأوضاع والأحوال والتحولات، أنا ضحية تربية سلبية رباها لي أبي وأمي، أنا ضحية مجتمع لا يرحم، ولا يعطي فرصة لأحد كي ينجح، أنا ضحية الجميع بل كل شيء إلا نفسي. فلتصرخ في نفسك صرخة الصدق، ولتهزها الآن هزة الإيمان، قل لها: آن الأوان، آن الأوان أن ينتهي هذا الكابوس الكئيب من الفشل والضياع، آن الأوان لهذه القدرات العملاقة أن تتفجر من داخلي؛ لتقهر ظروف العجز والفشل، وتسطر أروع آيات النجاح والإنجاز. فإذا نجحت يا شاب الإسلام في إخراج تلك الصـرخة من جوفك؛فدونك وطريق النهوض، نصفه لك، بل ونصحبك فيه على مدى الصفحات التالية، فهيَّا نعد العدة لانطلاقة حقيقة نحو القمة. ماذا بعد الكلام؟ـ إن الذي يقود سفينة حياته يبحث دائمًا عن الأشياء التي تقوده إلى النجاح والتفوق، ولذلك فكر باستمرار أيها الشاب في أفكار مبدعة قد تقود فيما بعد إلى اختراعات مبهرة، ولنعطيك مثالًا على ذلك، في عام1816م خطرت في ذهن الطبيب الشاب (رينيه لينيك) فكرة، حيث قام بلف مجموعة من الأوراق على شكل مخروطي, وعندما وضع أحد طرفيها على صدر المريض ووضع أذنه على الطرف الآخر أكتشف أن الصوت لم ينتقل فحسب بل لقد أصبح أعلى وأكثر وضوحًا مما كان عليه، ومن هنا اخترع رينيه السماعة الطبية. ـ هناك تدريب ممتاز، وهو أنك أردت أن تنصح صديقًا عزيزًا عليك بأن يتحمل مسئولية حياته وقراراته، فقررت أن ترسل له رسالة بالبريد الإلكتروني تحدثه فيها عن أهمية تحمل المسئولية وكيف أنها خطوة هامة على طريق النجاح؟ اكتب صفحة كاملة تستعرض فيها ما تود منه أن تكتبه له. ملحوظة: قبل أن تكتب، تذكر أنك الصديق الأول لنفسك، ولذا لا تنسَ أن ترسل البريد الإلكتروني لنفسك أيضًا. وأخيرًا يا شاب الإسلام تذكر أن: المسئولية هي (فالإنسان يتعلم المسئولية بمرور الوقت، إنها إحساس الشخص بأنه يتحكم في سلوكه وإدراكه بأن أفعاله لها تأثير على الأشخاص الآخرين من حوله، ولكي يكون الإنسان مستقلًا بالفعل، فإنه يجب أن يتصرف بمسئولية) [تنشئة المراهقين، لين هاجنز-كوبر، ص(41)]. ------------ المصادر: تنشئة المراهقين، لين هاجنز-كوبر. صناعة النجاح، د. طارق السويدان. خطوات نحو القمة، زيج زيجلار. |
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليق لملتقى شباب الجامعات بميدوم